نحن نكتب لجمهور مشغول، كما أننا مشغولون ولا وقت واسع لدينا للكتابة أيضاً. في الماضي لم يكن لدينا أي وسائط للتواصل عبر فواصل الزمان والمكان سوى الكتابة، أما اليوم فقد تسارعت تقنيات التواصل من الراديو والتلفاز إلى الهاتف والأقمار الصناعية فالإنترنت التي غزت بيوتنا وجيوبنا ولم تعد دونها تعمل عقولنا.

هل تذكر زمناً تواصلنا فيه بالرسائل؟ اليوم لدينا البريد الإلكتروني، الذي لم يعد يستخدمه أحد لأننا نستخدم واتس أب. تغيرت طبيعة التواصل إلى رسائل قصيرة جداً خالية من المعنى مثل “مرحبا” و”شلونك” و”شو عم تعمل” بدلاً من رسائل طويلة تحمل أخبار كاتبها وأخبار عائلته بل ربما أخبار قريته أو بلده كلها.

كما تغيّر المحتوى المرئي، من برامج مكلفة في إنتاجها وبثها للجمهور، إلى مقاطع قصيرة يملك أي شخص تصويرها ونشرها مجاناً.

أهمية الكتابة

الكتابة هي من أفضل طرق نشر المعلومات، فالمادة المكتوبة تغطي مساحة واسعة، وتسمح بخطاب جماهير كبيرة لا يحدها المكان أو الزمان. رغم أن تحقيق هذا ممكن أيضاً بتسجيل بودكاست أو فيديو.

تحتاج الكتابة لجهد كبير، لكن جهد كتابة تدوينة يبقى أقل من جهد إنتاج حلقة بودكاست أو تسجيل ومونتاج مقطع فيديو. وفوق ذلك تتمتع الكلمة المكتوبة بمزايا عديدة مقارنة بالكلمة المسموعة أو المرئية:

  1. السرعة: سرعة القراءة عادة أكبر بضعفين أو 3 أضعاف من سرعة الاستماع،
  2. قابلية البحث: يمكنك البحث عما تريد بسرعة، ونسخه والاحتفاظ به للرجوع إليه لاحقاً،
  3. الاستقلالية: تكون المادة المكتوبة مكتملة المعنى ومستقلة بذاتها ويمكن توزيعها وحدها،
  4. التحرير والتعديل والاحتفاظ بعدة نسخ، كالاحتفاظ بالتاريخ او بالتعليقات على محتوى مكتوب يستطيع الكل الاطلاع عليها.

تؤتي الكتابة أكلها عندما يكون الجمهور كبيراً أو مهماً بما يكفي، لكن أكبر فائدة لها هي تنظيم أفكارنا واكتشاف الثغرات في معلوماتنا، فالكتابة المبهمة دليل على التفكير المشوش. هذه الفائدة وحدها تجعل قيمة الكتابة عالية.

علاقة الجودة بالتأثير

هناك علاقة غير خطية بين جودة النص وبين اهتمام القراء. فلا يوجد شيء يرغم القارئ على متابعة القراءة إذا كان المحتوى مملاً. إقناع القارئ بالاستمرار بالقراءة وتقليب الصفحات أصعب من إقناع المستمع بالاستماع.

إذا لم تحقق المادة المكتوبة مستوى معيناً من الجودة، مثلاً لأنها مسهبة، أو غير مرتبة بشكل واضح، أو فيها أخطاء إملائية، أو طريقة عرضها قبيحة ومكتوبة بخط صعب القراءة، فلن يقرأها أحد.

وهذا يؤدي إلى انعدام التأثير.

سندعو هذا المستوى المنخفض من الجودة بمنطقة القمامة، نصوص عديمة الفائدة والتأثير لأن لا أحد يريد أن يقرأها.

وعلى صعيد آخر، لا تؤتي المبالغة في الجودة فوائد تذكر بعد تخطي مستوى مقبولاً، وتدخل بعدها في مرحلة التحلية بالذهب. لذلك عليك إيصال مادتك المكتوبة إلى مستوى الجودة المناسب، ثم التركيز على المحتوى العلمي والفكري بدلاً من المبالغة في تحسين الجودة.

يختلف مستوى الجودة المقبول حسب الجمهور المستهدف ونوعية المحتوى المطروح، لكن منطقة القمامة واسعة جداً وتشمل كميات محتوى أكبر بكثير مما يتوقع الكتّاب.

يتهرّب القراء من أي شيء أطول من بضعة صفحات. لذلك فإن وضوح الخطاب وإيجازه من أهم عوامل نجاح المادة المكتوبة ونجاتها من نطاق القمامة عند مخاطبة الجماهير فاقدة الصبر.

وأما الأخطاء الإملائية والركاكة النحوية فهي مثل الذبابة التي تقع في صحن الطعام: قد لا يتغير طعم الحساء لكن يستبعد أن يعود الزبائن ليطلبوا منك المزيد.

ترتيب الأفكار

تسير النصوص بشكل خط مستمر، كل كلمة تتبع الأخرى وكل مقطع يتلو سابقه. لكن المواد التقنية والعلمية ليست أحادية البعد. أحد التحديات هو مطابقة فضاء العلم المطروح على نظام سرد قصصي خطي.

هناك طريقتين أساسيتين لترتيب الأفكار والمواضيع في الكتابة. يمكنك أن تمر على الأفكار سطحياً أولاً، أو تعبر بشكل متعمّق أولاً. العبور السطحي يعني أن تمر على كافة المواضيع بشكل مختصر ثم تتدرج نحو التفاصيل، أما العبور المتعمق فهو يعني أن تغطي كل موضوع من كل نواحيه قبل الانتقال إلى الموضوع التالي.

إن تنظيم الأفكار في شجرة يجعل متابعتها أسهل من متابعة مخطط متشابك. عندما تكتب نصاً يخاطب جمهوراً مشغولاً، يفضل أن تتبع مبدأ الهرمية:

  1. ابدأ بطرح الجواب أولاً،
  2. رتب ولخّص الحجج الداعمة لذلك الجواب،

هذه الطريقة في الترتيب معاكسة للترتيب المعتاد (مقدمة - عرض - خاتمة، أو في الأوراق العلمية: ملخص - محتوى - نتيجة).

عندما تبدأ بالنتيجة أولاً هذا يوفر الكثير من الوقت ويفسح لك المجال للتركيز على الفكرة المهمة بدلاً من إضاعة الوقت في التمهيد. إذا كنت تقدم تقريراً أو مستنداً لمدير مثلاً، عليك الإجابة أولاً عن سؤال “ماذا يجب أن نفعل؟” بشكل مباشر ومختصر. ثم تبدأ بطرح حججك التي تجيب عن سؤال “لماذا يجب أن نفعل هذا؟“.

في بعض الحالات قد يكون المدير متهيئاً ذهنياً للحل المطروح، وعندها سيقبل هذا الحل دون التطرق لأسباب تفضيل هذا الحل وتفاصيلها.

ثانياً، الإداريون يفكرون بالصورة الكبيرة أولاً ولا يفضلون إضاعة الوقت في التفاصيل الصغيرة إلا إذا دعت الحاجة، لذلك عليك مطابقة طريقة تفكيرهم بالبدء بعرض النتائج والاتجاه العام الذي تريد السير فيه، ثم الدخول في التفاصيل للإجابة عن أي تساؤلات إضافية.

“مبدأ الهرمية” ببساطة هو ترتيب الأفكار بشكل هرم يبدأ من فكرة واحدة ثم تتسع قاعدته تدريجياً مع كل مستوى. كل فكرة هي عبارة عن ملخص عن الأفكار المرتبة تحتها، وهكذا تتلاحق المستويات حتى يتشكل هرم من الأفكار يبدأ من النتيجة والفكرة الأكثر أهمية أولاً.

الكتابة على مستويين

الكتابة التقنية الناجحة يجب أن تستهدف نوعين من القراء على التوازي: القارئ السريع الذي لا يحتاج للاطلاع بعمق على الموضوع المطروح، والقارئ الخبير الذي يريد الاطلاع على تفاصيل الأفكار المطروحة.

يمكنك استخدام التقنيات التالية لتحقيق ذلك في كتابتك:

  1. العناوين التي تحمل معنى: فهي تغني عن المخلصات حيث يأخذ القارئ لمحة عن المحتوى بقراءة العناوين فقط. العناوين التي لا تحمل معنى خاص مثل (مقدمة) أو (استنتاج) لا مكان لها في المقالات القصيرة والمحتوى المختصر.
  2. المخططات الإرشادية: تعمل كمنارات تدل القارئ على المقاطع المهمة. فالقارئ الذي يتصفح الكتاب، غالباً ما يتوقف عند المخططات والصور، فاحرص على وضعها في أماكن استراتيجية.
  3. المقاطع المعترضة: وهي مقاطع منضدة بشكل مختلف أو بلون مختلف عن بقية النص تدل القارئ على أن هذا النص يمكن تجاوزه دون قطع سلسلة الأفكار.

بهذا الشكل يمكن استخلاص فكرة النص في دقيقتين بقراءة العناوين والنظر إلى المخططات.

قد يتجاوز معظم القراء تفاصيل المخطط والتسميات التوضيحية عليه، لكن المتخصص سيتمعن فيها ويركز في التفاصيل. بهذه الطريقة تفتح لجمهورك مسارين لقراءة المحتوى وتكسر روتين القراءة الخطية قليلا.

تسهيل المهمة على القارئ

technical writing & professional communication

يشرح طرق متنوعة عن الكتابة لأنواع مختلفة من الوثائق وحتى السير الذاتية

المقاطع الأخيرة في الكتاب عن التوازي وبنية المقاطع

التوازي يعني أن تبدأ كل العناصر في القائمة بنفس اللغة

يعني كلها تبدأ بفعل أو بصفة

system A is preferred because it’s faster system A is preferred due to performance system A is preferred because it’s flexible system A is preferred due to flexibility system A is preferred because we want to reduce cost system A is preferred due to economics system A is preferred because stable system A is preferred due to stability

إزالة التشويش والضوضاء يساعد القارئ على التركيز على المحتوى بدلاً من التركيز على النص نفسه

التوازي مفيد في الجمل أيضاً وليس فقط في القوائم

مثلا عند المقارنات أو سرد التشابهات

كل مقطع يجب أن يركز على موضوع واحد ويذكر ذلك الموضوع من البداية

هذا يسمح للقارئ بتجاوز النص بأمان إذا كانت المقطع يتحدث عن فكرة كان بعرفها بشكل جيد ولا يريد الاطلاع عليها ثانية

من المهم عدم خلط المواضيع في نفس المقطع لأن القارئ عندها قد يتجاوز مواضيع لا يعرفها عن دون قصد

ومن المهم بداية المقطع بجملة مفيدة وليس حشو لا معنى له ولف ودوران

النصوص المكتوبة مرتبة دوماً ولا يمكن عرضها بدون ترتيب

كيف ترتب المحتوى؟

  1. زمنياً: إذا كانت هناك سلسلة من الأحداث التي ترتبط فيما بينها بعلاقة سببية، عليك طرح الأفكار حسب ترتيبها زمنياً.
  2. حسب الارتباط والعلاقة بينها: ابدأ بكل فكرة وفصّلها إلى أجزاء، بحيث تغطي كافة الأفكار الفرعية الداعمة لها.
  3. حسب الأهمية: اعرض الأفكار مرتبة من أكثرها أهمية إلى أقلها.

استخدام أسماء الإشارة دون مرجعية واضحة من أحد أسباب غموض الكتابة

مثل قول “هذا يسبب مشكلة” دون معرفة ما “هذا” بالضبط

قد تتم صياغة الجملة بشكل يجعل تفسير اسم الإشارة قابلاً للتأويل على عدة وجوه، وهذا سيء

مثال آخر من عمتك منتو

عندما تقدم جملة عن موضوع لا يعرفه القارئ، سيطرح السؤال في ذهنه

لذلك لا تثير الأسئلة في ذهن القارئ قبل أن تكون مستعداً للإجابة عنها

هذا يعني أنه لا يسمح لك بالإشارة لمفاهيم تالية

يسمح لك بالإشارة لمصطلحات ومفاهيم تم تقديمها سابقاً فقط

هذه النصائح البسيطة ستضع كتابك في مستوى أفضل 20% بسبب كمية المواد الرديئة الموجودة

تقديم المواد العلمية المثبتة أما إذا كانت غير مثبتة فلا تقدمها على أنها حقائق

عامل الثقة

تفادى طرح ادعاءات غير مثبتة

لا تبدأ بعبارات طنانة ووعود كبيرة وبعدها تنتهي بنص عقيم وفقير

في الكتابة التقنية، القارئ لا يبحث عن إبداعاتك اللغوية وفصاحاتك

بل يحاول أن يفهم ما عندك

musing about english words

I might add… It should be pointed out… It’s interesting to note…

إذا كنت تريد أن تضيف شيئاً فأضفه، وإذا كان هناك ما يحتاج التوضيح فوضحه، وإذا كان مثيراً للاهتمام فاجعله مهماً

استبدل التعابير الطويلة العريضة بكلمات مفردة بسيطة، وهذا يقلل من الضوضاء كما يساعد القراء الذين يقرأون بلغة أجنبية

بسيط ومباشر

الكمال هو عندما لا يبقى هناك شيء للحذف وليس عندما لا يبقى هناك شيء للإضافة

اختبار الكتابة

القراء يقرأون الكتابة ويناقشونها حيث يسمح للكاتب بالاستماع ولكن لا يسمح له بالكلام

الميمو التقنية

مقالة صغيرة محتواة بذاتها تركز على موضوع واحد بشكل كامل مثال ويكي مليء بمواضيع مشتتة وناقصة

المشكلة الرئيسية تكمن في عدم تركيز الكتاب على الإكمال

emphasis over completeness

pick the right scope big enough to be meaningful small enough to be comprehensible cohesive enough to make sense

كيف تحسن من جودة كتابتك؟

الانطباع الأولي مهم in hand moment

عندما يلقي القارئ النظرة الأولى على الكتاب ويطلع على الغلاف وربما جدول المحتويات ويتصفح سريعاً، يتخذ القارئ قرار الشراء في تلك اللحظة، وليس بعد التمحيص والاطلاع على الاستنتاجات العبقرية للكاتب في الصفحة 326.

هذا هو السبب الذي يجعل المخططات في الكتب مهمة

كل بداية فصل كانت تحوي مادة بصرية، لقطة صورة مخطط يوام ال الخ

الكتاب المذكور كمثال هنا هو enterprise integration patterns Gregor Hohpe and Bobby Woolf

350 صورة بالمجمل

حتى يظهر الكتاب أنه ليس أكاديمياً ولكنه عملي وسهل القراءة

الكتابة التقنية يجب أن تكون كذلك

تنضد في تصميم بسيط، تشتمل على مخططات واضحة وتبقى مختصرة وموجزة

يمكنك أن تصغر الصفحات وتعرضها كلها معاً على الشاشة ليس لقراءة النص ولكن للاطلاع على العناوين وتوزع المقاطع وطولها وتوزع الصور

المراجع

The Software Architect Elevator, Gregor Hohpe. Chapter 20. Writing for Busy People

كتاب مبدأ الهرمية: The Pyramid Principle, Barbara Minto